رموز الإمارات الوطنية

الرموز الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة

تُعد الرموز الوطنية لأي دولة تجسيدًا لهويتها وتراثها ومعتقداتها الثقافية والسياسية، وفي حالة دولة الإمارات العربية المتحدة، تتخذ هذه الرموز بُعدًا استثنائيًا يعكس مسيرة تاريخية ثرية، وقيمًا راسخة، وطموحات مستقبلية مشرقة. فمنذ تأسيس الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971، حرصت الدولة على ترسيخ مجموعة من الرموز الوطنية التي تعزز الانتماء والولاء للوطن وتُشكل محورًا أساسيًا في الهوية الإماراتية المتجذرة في الماضي والممتدة نحو المستقبل. تشمل هذه الرموز العلم، الشعار، النشيد الوطني، بالإضافة إلى رموز غير رسمية ترتبط بالبيئة والثقافة والعادات مثل الصقر، والقهوة العربية، وشجرة الغاف، والجمل، والخنجر، والبرقع، وغيرها. يستعرض هذا المقال تفصيلًا شاملاً لهذه الرموز، مع تسليط الضوء على دلالاتها التاريخية والثقافية والوطنية.

أولًا: علم الإمارات

يُعد علم دولة الإمارات العربية المتحدة من أهم الرموز السيادية والوطنية، وهو تعبير صريح عن الوحدة والسيادة والانتماء. تم اعتماد العلم رسميًا في الثاني من ديسمبر عام 1971، بعد أن فاز تصميمه في مسابقة نظمتها الدولة، وكان المصمم هو الشاب عبدالله محمد المعينة.

يتكون العلم من أربعة ألوان رئيسية: الأحمر، والأخضر، والأبيض، والأسود، وكل لون من هذه الألوان يحمل دلالة رمزية عميقة مستمدة من التاريخ العربي والإسلامي، والمعروفة باسم ألوان الوحدة العربية:

• الأحمر: يرمز إلى الشجاعة والتضحية والدماء الزكية التي بُذلت في سبيل الوطن.

• الأخضر: يعبر عن النمو والازدهار والتسامح والبيئة.

• الأبيض: يدل على السلام والنقاء والصدق.

• الأسود: يرمز إلى قوة العقل والانتصار على الأعداء، وليس كما يُشاع بأنه يدل على الحزن.

ويُرفع علم الإمارات على جميع المباني الحكومية والمقرات الرسمية، كما يُستخدم في المناسبات الوطنية والعالمية، وتُقام له احتفالية خاصة في يوم العلم الذي يصادف الثالث من نوفمبر كل عام، حيث يرفع أبناء الوطن العلم بفخر، تعبيرًا عن ولائهم للقيادة والوطن.

ثانيًا: شعار الدولة

اعتمد شعار دولة الإمارات العربية المتحدة الحالي في عام 2008، ويُعد رمزًا مركزيًا للهوية الوطنية والسيادية، يُستخدم في الوثائق الرسمية، والمعاملات الحكومية، والعملات، وجوازات السفر، وغيرها من الوسائل التي تعبّر عن كيان الدولة.

يتكون الشعار من صقر عربي ذهبي اللون، وهو من رموز الشجاعة والعزة والكرامة في التراث العربي والإماراتي، ويحمل الصقر في صدره دائرة تتوسطها سفينة شراعية (الداو) التي ترمز إلى الإرث البحري والتجاري العريق لدولة الإمارات. يُحيط بالدائرة سبعة نجوم تمثل الإمارات السبع التي تشكل الاتحاد، كما يحمل الصقر في مخالبه شريطًا أحمر كتب عليه بالخط العربي الأنيق “الإمارات العربية المتحدة”.

ويمثل الشعار اندماجًا بين الأصالة العربية والهوية الإماراتية، ويعكس إرثًا تاريخيًا من الكبرياء والتعاون والوحدة.

ثالثًا: النشيد الوطني “عيشي بلادي”

النشيد الوطني لدولة الإمارات “عيشي بلادي” هو أحد الرموز الوطنية ذات البعد العاطفي والوجداني العميق. وقد أُلفت كلماته بواسطة الشاعر الإماراتي الدكتور عارف الشيخ عبدالله، بينما كانت الموسيقى الأصلية قد وُضعت منذ تأسيس الاتحاد عام 1971 على يد الموسيقار المصري سعيد ناشيد، إلا أن النشيد ظل بدون كلمات رسمية حتى عام 1996.

كلمات النشيد تعبر عن حب الوطن، والولاء للقيادة، والفخر بالهوية، والانتماء إلى أرض تنعم بالأمن والسلام:

عيشي بلادي، عاش اتحاد إماراتنا

عشت لشعب دينه الإسلام هديه القرآن

حصنتك باسم الله يا وطن

بلادي بلادي بلادي بلادي

حماك الإله شرور الزمان

أقسمنا أن نبني نعمل

نعمل نخلص نعمل نخلص

مهما عشنا نخلص نخلص

دام الأمان وعاش العلم يا إماراتنا

رمز العروبة

كلنا نفديكِ بالدم نرويكِ

نفديكِ بالأرواح يا وطن

يُعزف النشيد الوطني في جميع المناسبات الرسمية والتعليمية والرياضية والوطنية، ويُغرس في نفوس النشء منذ نعومة أظفارهم، ليكون رمزًا متجددًا للفخر والانتماء.

رابعًا: الصقر العربي

الصقر هو أحد الرموز غير الرسمية التي تحتل مكانة مرموقة في الثقافة الإماراتية، ويرمز إلى القوة والشموخ والكرامة والعزة. كان الصيد بالصقور جزءًا لا يتجزأ من حياة البدو، وتطورت هذه العلاقة لتصبح فنًا تراثيًا يُعرف باسم “الصقارة”، أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية.

الصقر لا يمثل فقط الماضي بل هو أيضًا رمز للهوية المستمرة، وغالبًا ما يُستخدم في الشعار الرسمي وفي الزينة الوطنية، كما يُصوّر على العملة المعدنية، وتُخصص له مهرجانات ومسابقات سنوية مثل “مهرجان الصقور” و”بطولة رئيس الدولة للصقور”.

خامسًا: شجرة الغاف

اعتمدت دولة الإمارات شجرة الغاف كرمز وطني بيئي وثقافي، لما تحمله من دلالات عميقة مرتبطة بالصبر، والثبات، والارتباط بالأرض. تُعد شجرة الغاف من الأشجار الصحراوية المعمرة التي تتحمل أقسى الظروف المناخية، وكانت ملاذًا طبيعيًا للراحة والتجمعات البدوية.

في عام 2019، تم اختيار شجرة الغاف شعارًا لعام التسامح، لتعكس القدرة على التعايش في بيئة متعددة الثقافات. وتُزرع هذه الشجرة بكثافة ضمن مبادرات الاستدامة والتشجير في الدولة، كما تحظى بحماية قانونية تمنع اقتلاعها أو الإضرار بها.

سادسًا: القهوة العربية

تُعد القهوة العربية رمزًا من رموز الكرم والضيافة الإماراتية، وهي جزء من الموروث الثقافي الذي يُقدَّر عاليًا في المجتمع الإماراتي. تحضَّر القهوة من حبوب البن المحمصة بطريقة تقليدية، وتُضاف إليها الهيل وأحيانًا الزعفران، وتُقدَّم في دلة نحاسية مع التمر، وتُسكب في فناجين صغيرة بكميات ضئيلة، مما يعكس تقاليد الضيافة والاحترام.

وقد أدرجت منظمة اليونسكو القهوة العربية ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في عام 2015، تقديرًا لأهميتها الرمزية والاجتماعية في منطقة الخليج.

سابعًا: الجمل

يرتبط الجمل ارتباطًا وثيقًا بالبيئة الصحراوية الإماراتية، ويُعد رمزًا للصبر والقوة والاعتماد على النفس، ويُلقب بـ “سفينة الصحراء”. كان الجمل الوسيلة الأساسية للنقل والتجارة، كما وفر الغذاء واللبن والجلد.

في الإمارات، يُحتفى بالجمل من خلال تنظيم سباقات الهجن، التي تحولت من تقليد بدوي إلى رياضة تراثية عالمية تشهد مشاركات من دول الخليج وخارجها، وتعكس جانبًا من الفخر بالهوية الأصيلة.

ثامنًا: البرقع الإماراتي

البرقع هو غطاء تقليدي ترتديه النساء الإماراتيات على الوجه، وكان له دلالة رمزية واجتماعية وجمالية. يُصنع من القماش المزركش أو المعدني ويغطي منطقة الجبهة والأنف، ويُعبر عن الحياء والوقار والجمال، وكان يُستخدم بشكل شائع في الماضي، لا سيما في المناطق البدوية والساحلية.

لا يزال البرقع يُستخدم اليوم في بعض المناسبات التراثية والمهرجانات، ويُعد من الرموز البصرية القوية التي تُشير إلى التراث النسائي في الإمارات.

تاسعًا: الخنجر

الخنجر هو أحد الرموز التراثية الرجالية في دولة الإمارات، وكان يُلبس كجزء من الزي التقليدي في المناسبات الرسمية والاحتفالية. يُصنع الخنجر يدويًا من مواد فاخرة، وتُزين قبضته وزينته بالنقوش الفضية أو الذهبية، ويُحمل على الخصر كرمز للشرف والرجولة والهوية البدوية.

تُستخدم صورة الخنجر في عدد من الشعارات الرسمية والتصاميم التراثية، ولا تزال بعض العائلات تحتفظ بخناجرها القديمة كرموز للتراث والهيبة.

جدول يوضح أبرز الرموز الوطنية في الإمارات ودلالاتها

الخلاصة

تجتمع الرموز الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة لتعكس جوهر الهوية الإماراتية، التي تقوم على التوازن بين الأصالة والمعاصرة، بين الجذور العميقة والطموحات اللامحدودة. كل رمز من هذه الرموز يحمل رسالة تتجاوز الشكل الظاهري، لتغوص في أعماق التاريخ والثقافة والقيم الإنسانية. ومن خلال الاحتفاء بهذه الرموز، تُعزز الدولة من ترابط المجتمع وتُرسخ مبادئ الولاء والانتماء، وتُقدم للعالم نموذجًا فريدًا لدولة حديثة تستلهم من تراثها لتصنع مستقبلها.

المراجع:

1. وزارة الثقافة وتنمية المعرفة – دولة الإمارات العربية المتحدة

2. الأرشيف الوطني الإماراتي